ثلث نجوم الكون تحتوي على بقايا كواكب تشبه الأرض!
تقدم علم الفلك في الآونة الأخيرة تقدمًا ملحوظًا، إذ طور العلماء طرقًا دقيقة لقياس المحتوى المعدني للنجوم. باستخدام هذه الأساليب، يمكنهم تصنيف النجوم التي ولدت معًا، المعروفة بالنجوم الشقيقة، للتعرف على الاختلافات في تركيبها المعدني. المثير للدهشة أن بعض النجوم الشقيقة تًظهر اختلافات كبيرة في تركيبها المعدني، مع أن لها نفس الأصل.
كشفت الدراسات الحديثة أن ظاهرة وجود اختلافات واضحة في معدنية النجوم الشقيقة ترجع غالبًا إلى أن النجوم تلتهم الكواكب الصخرية. عندما يبتلع النجم مثل هذه الكواكب، تُدمج العناصر المعدنية من هذه الكواكب في الطبقات الخارجية للنجم، ما يغير محتواه المعدني.
تنشأ النجوم مشتركة الأصل من السحابة الجزيئية العملاقة ذاتها، التي تُعد موطنها المشترك. لا ترتبط هذه النجوم معًا بفعل الجاذبية ضمن أنظمة ثنائية دائمًا، لكن من المتوقع أن تظهر تركيبًا معدنيًا متشابهًا جدًا بسبب أصلها المشترك. السحب الجزيئية العملاقة ليست متجانسة تمامًا، لذا فإن وجود فروقات صغيرة في معدنية النجوم مشتركة الأصل أمر طبيعي. لكن عندما تكون هذه الفروقات كبيرة وواضحة، يشير ذلك إلى وجود عامل إضافي يتطلب الدراسة.
تشير دراسة حديثة إلى أن الفروقات في معدنية النجوم المشتركة في الأصل ناتجة من الكواكب الصخرية. هذه الكواكب، التي تدور حول نجومها بفترات مدارية قصيرة للغاية، تدمر في النهاية، وتمتص النجوم مادتها، ما يغير محتواها المعدني.
يشير المؤلفون إلى أن الدراسات التفصيلية للتكوين الكيميائي لأزواج النجوم ذات الأصل المشترك، كشفت اختلافات كبيرة وغير متوقعة في وفرة العناصر الحرارية. هذه العناصر، التي تتميز بمقاومتها للحرارة وترتبط غالبًا بالمواد الكوكبية، تظهر تباينات تتحدى الافتراضات السابقة حول تجانس النجوم التي تنشأ من نفس السحابة.
يطلق المؤلفون على هذه الظاهرة مصطلح التلوث، مشيرين إلى تشابهها مع عملية مماثلة تلاحظ في الأقزام البيضاء. في الحالتين، تشير كلمة «التلوث» إلى امتصاص النجوم لمواد من الكواكب الصخرية، التي تحتوي على كميات كبيرة من المعادن، ما يؤدي إلى تغيير التركيب الكيميائي للنجم، بزيادة وفرة العناصر المعدنية.
الكواكب الخارجية ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا هي كواكب تدور حول نجومها على مسافة قريبة جدًا، عادةً ما تكمل دورة كاملة حول نجومها في غضون ساعات قليلة. تتميز هذه الكواكب بتركيبات مشابهة للأرض، ونادرًا ما يتجاوز نصف قطرها قطر الأرض. لا تزال أصولها غير واضحة، ربما تشكلت على مسافات أبعد في أنظمتها النجمية ثم انتقلت تدريجيًا إلى الداخل، أو ربما تمثل النوى المتبقية لكواكب أكبر فقدت أغلفتها الجوية بسبب الإشعاع القوي من النجم المضيف.
وجود الكواكب ذات الفترات المدارية القصيرة نادر نسبيًا، إذ توجد بنسبة 0.5% فقط في مدارات النجوم الشبيهة بالشمس. بسبب قربها الشديد من نجومها المضيفة، تكون هذه الكواكب شديدة الحرارة، ما يؤدي إلى انصهار أسطحها. أيضًا هي مرتبطة مدّيًا، ما يعني أن جانبًا واحدًا من الكوكب يواجه النجم دائمًا، ما يخلق تباينًا حادًا بين جانبي النهار والليل.
مع أن الكواكب ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا نادرة، فمن المحتمل أنها تتشكل بأعداد أكبر في البداية، لكن نجومها المضيفة تلتهمها لاحقًا، ما يفسر ندرة وجودها.
يشير المؤلفون إلى أن الكواكب الخارجية ذات الفترات المدارية القصيرة معرضة لقوى المد، ما قد يؤدي إلى تمزقها ومن ثم ابتلاعها من قبل نجومها المضيفة. تظهر الدراسات أن نسبة كبيرة 3%-30% من النجوم المشتركة في الأصل من النوع الشبيه بالشمس (تصنيف FGK) في مرحلة التسلسل الرئيسي، قد ابتلعت كواكب صخرية تتراوح كتلتها بين 1 و10 أضعاف كتلة الأرض.
يمكن دفع الكواكب نحو نجومها بعدة آليات. توجد أشكال متعددة من التطور الديناميكي العنيف في الأنظمة الكوكبية التي قد تؤدي إلى دفع كوكب نحو النجم. مع ذلك، تظهر الأدلة أن 2% فقط من النجوم الفردية من نوع FGK هي التي تظهر آثار التلوث نتيجة لهذه العمليات العنيفة مجتمعة.
حدد علماء الفلك 3 سيناريوهات رئيسية حيث تلتهم النجوم الكواكب الخارجية ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا.
أحد السيناريوهات المقترحة: الهجرة ذات الانحراف المداري العالي. في هذا السيناريو، يكون للكوكب الأولي ذي الفترات المدارية القصيرة جدًا مدار بيضوي الشكل للغاية، ما يجعله قريبًا جدًا من نجمه. بسبب قربه من النجم والقوى الجاذبية المؤثرة، يصبح مدار الكوكب أقل بيضوية، ليتحول في النهاية إلى مدار دائري.
طور المؤلفون نموذجًا للتنبؤ بعدد الكواكب ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا التي تتشكل، والوقت الذي يستغرقه ابتلاعها من قبل نجومها. يعيد نموذجهم إنتاج التواتر المنخفض للكواكب ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا حول النجوم الشبيهة بالشمس ووفرتها المعدنية الملوثة. بناءً على نتائجهم، يفضل المؤلفون سيناريو الهجرة ذات الانحراف المداري المنخفض، إذ تكون الكواكب ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا جزءًا من أنظمة كوكبية مدمجة تضم عدة كواكب، بدلًا من أن تتشكل منفصلةً.
استنتج المؤلفون أن ابتلاع الكواكب ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا هو نتيجة طبيعية لسيناريو الهجرة ذات الانحراف المداري المنخفض، ويقترحون وجود علاقة معقولة بين الكواكب ذات الفترات المدارية القصيرة جدًا والكواكب الصخرية التي ابتلعتها النجوم الشبيهة بالشمس، ما يدعم فكرة أن هذه العملية هي حدث شائع في مثل هذه الأنظمة النجمية.
يشير المؤلفون إلى أن آثار التلوث المعدنية قد تتلاشى بمرور الوقت. قد تستقر المعادن في النجم، ما يؤدي إلى اختفاء إشارة التلوث. بناءً على مدى فعالية هذه العملية، قد يؤدي ذلك إلى تقليل تقدير عدد النجوم الملوثة. ما يشير إلى أن أكثر من 30% من النجوم الشبيهة بالشمس قد تكون ملوثة بالفعل، ما يخالف التقديرات الحالية.
التحفظ الثاني الذي ذكره المؤلفون هو وجود آليات أعنف، مثل تشتت الكواكب، قد تؤدي أيضًا إلى دفع الكواكب نحو نجومها، خاصةً الكواكب الصخرية شبيهة الأرض العملاقة. رغم انتشار الكواكب العملاقة الصخرية بوصفها كواكب خارجية، يوضح المؤلفون أن 1% فقط من النجوم يمكن أن تتلوث بواسطة التدمير العنيف لهذه الكواكب.
استنتج الباحثون ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث لفهم الدور المحتمل لكواكب المشتري الحارة في التلوث النجمي.
يذكر المؤلفون أن النجوم التي تحتوي على كواكب ذات فترات مدارية قصيرة جدًا يجب أن تكون لها أعمار وحركيات مشابهة لنجوم المجال في مجرة درب التبانة، ويجب أن تظهر علامات على ابتلاع كواكب سابقة. أيضًا، استنتجوا أن النجوم الملوثة من النوع FGK يجب أن تحتوي عادة على أنظمة كوكبية مدمجة ومتعددة الكواكب.
اقرأ أيضًا:
هل توجد قوة خامسة في الطبيعة؟ وكيف يمكننا اكتشاف ذلك؟
ناسا تؤكد: النشاط الشمسي يصل إلى ذروته الآن
ترجمة: آية شميس
تدقيق: أكرم محيي الدين
The post ثلث نجوم الكون تحتوي على بقايا كواكب تشبه الأرض! appeared first on أنا أصدق العلم.
Source: View source