ندوة علمية بأكادير: حرية التعبير والمسؤولية القانونية في زمن التحديات الرقمية.
ندوة علمية بأكادير: حرية التعبير والمسؤولية القانونية في زمن التحديات الرقمية.
عبد العزيز الصالحي
شهدت مدينة أكادير يوم الجمعة 24 يناير 2025 ندوة علمية متميزة نظّمها المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالدائرة الاستئنافية لأكادير، بشراكة مع النادي الجهوي للصحافة، تحت عنوان “الممارسة الصحافية بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية”. احتضن الندوة مركب الاصطياف التابع لوزارة العدل بأكادير، بحضور كبير من القضاة والإعلاميين والمحامين وطلبة الماستر بكلية الحقوق، حيث شكل اللقاء فرصة لمناقشة إشكالات آنية تتعلق بحرية الصحافة وتحدياتها في ظل العصر الرقمي.
افتتح الدكتور هشام الحسني، وكيل الملك لدى ابتدائية إنزكان ورئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة، الندوة بكلمة أكد فيها أهمية هذا اللقاء في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها مجال الإعلام، خصوصا مع التحديات التي أفرزها انتشار الأخبار الزائفة عبر الوسائط الرقمي، وأشار الحسني إلى أن هذه الظاهرة تفرض توازنا دقيقا بين حرية التعبير من جهة والمسؤولية القانونية للناشر من جهة أخرى، مشددا على دور القضاء والإعلام في تحقيق هذا التوازن بما يخدم المصلحة العامة ويحافظ على مصداقية الصحافة.
الندوة شهدت مداخلات عميقة من شخصيات بارزة تناولت إشكالات متعددة تتقاطع بين العمل الصحفي والإطار القانوني، أبرزها كانت مداخلة الدكتور محمد عصام منصف، رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بأكادير، الذي أشار إلى أن الصحافة تخضع لتقاطع بين قانون الصحافة والنشر والقانون الجنائي، وأكد أن الصحفيين ملزمون بالتحري والدقة عند نقل الأخبار لتفادي الوقوع في أخطاء قد تجرّهم إلى المساءلة القانونية.
من جانبه، تحدث الدكتور الحبيب العسري، مدير المحطة الجهوية للإذاعة والتلفزة بأكادير، عن العلاقة التكاملية بين الإعلام والقضاء، مؤكدا أن كلا المجالين يسعيان لتحقيق الحقيقة وخدمة الصالح العام، مع ضرورة التزام الصحفيين بالنزاهة والموضوعية في نقل المعلومات، وأشار إلى أن ظهور الوسائط الرقمية وانتشارها بشكل غير مسبوق أضاف تحديات جديدة، أبرزها الأخبار المفبركة التي أصبحت تهدد مصداقية المهنة.
كما كان للجانب الأخلاقي نصيب في النقاش، حيث ركز الأستاذ سعودي العمالكي، رئيس النادي الجهوي للصحافة، على قضية السبق الصحفي وآثاره السلبية عندما يتم التسرع في نشر أخبار غير دقيقة تحت ضغط المنافسة. وحذر من أن هذا التسرع يسيء إلى نزاهة الصحافة ويضر بالأفراد والمؤسسات على حد سواء، داعيا الصحفيين إلى التريث والتحقق من صحة المعلومات قبل نشرها.
أما الدكتور نور الدين سعيدي، نائب وكيل الملك بابتدائية إنزكان، فتناول في مداخلته المسؤولية الجنائية المترتبة عن نشر الأخبار الزائفة، موضحا أن مثل هذه الممارسات قد تعرض الصحفيين لمتابعات قانونية بموجب قوانين الصحافة والنشر والقانون الجنائي. وأكد على ضرورة تعزيز الوعي القانوني لدى الإعلاميين لتجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء.
الندوة لم تقتصر على المداخلات فقط، بل شهدت نقاشات مستفيضة من الحضور الذين أغنوا النقاش بتساؤلاتهم وملاحظاتهم. وخلص المشاركون إلى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين القضاء والإعلام، بما يسهم في دعم حرية التعبير مع احترام الضوابط القانونية.
هذا اللقاء العلمي أكد مرة أخرى أهمية التقاء الإعلاميين ورجال القانون لتوضيح الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية، وهو ما اعتبره المنظمون خطوة أساسية نحو ترسيخ ثقافة قانونية تسهم في تعزيز مصداقية الصحافة وضمان حماية الحقوق في زمن التحديات الرقمية.
Source: View source