هل يواجه الأطفال العائدون من تركيا إلى سوريا مشكلة في الاندماج؟
يعاني معظم الطلاب السوريين في تركيا بمراحل التعليم المختلفة من مشكلة إتقان التحدث باللغة العربية والدراسة بمناهجها كونهم دمجوا من قبل الحكومة التركية بالمدارس التركية بحلول العام الدراسي 2016- 2017 لتصبح اللغة عائقاً أمام عودة عائلات مئات آلاف الطلاب السوريين المقيمون في تركيا منذ أكثر من عشرة أعوام وينوون العودة إلى بلادهم بعد إسقاط نظام الأسد، خاصة ممن ولدوا في تركيا ودرسوا من الصفوف الابتدائية بلغة مختلفة عن لغتهم الأُم.
يعتبر تكلم الأطفال باللغة العربية مع أفراد العائلة في المنزل وتعليمهم الحروف العربية لفظاً وكتابة غير كاف للاندماج في المجتمع السوري الجديد، ما يفتح آفاقاً كبيرة من الصعوبات أمام العائلات وحكومة تصريف الأعمال لتلافي تشتتهم بين أبناء جيلهم بالمدارس.
القراءة والكتابة غير كافية بالمدارس
توجهت العديد من العائلات اللاجئة في تركيا إلى تعليم أطفالهم القراءة والكتابة في المنزل أو عبر منصات تقدم دروس "أونلاين" (عن بعد) بأساسيات اللغة العربية للحفاظ على التواصل باللغة الأم لدى الأطفال في بلدان اللجوء، ولكن وفق ما رصد موقع "تلفزيون سوريا" فإن الحلول البسيطة التي لجأ لها السوريون كانت غير كافية وخاصة أن فكرة العودة إلى سوريا كانت شبه مستحيلة وغير متوقعة لدى كثير منهم.
يواجه فادي، وهو أب لطفلين بالمدارس التركية هذه المشكلة، وبحسب ما أفاد فادي لموقع تلفزيون سوريا، فإنه تعاون مع زوجته على تعليم الأطفال القراءة والكتابة ولكن بعد قرارهم بالعودة إلى سوريا بعد سقوط النظام المخلوع ظهرت هذه "المصيبة" كما أسماها أمامهم معتبراً ذلك غير كافياً فاللغة العربية "بحر من القواعد الإملائية ومواضيع التعبير وشرح القصائد وغيرها من تفاصيل أخرى مهمة".
اللغة العربية.. عائق أمام عودة السوريين من ألمانيا أم فرصة جديدة؟
أبناء فادي في المرحلة الإعدادية والكبير بينهما بالصف الثامن وفي تركيا (شهادة الثامن توازي شهادة الصف التاسع بسوريا) والآخر بالصف الخامس، وينافسون بكل عام على المراتب الأولى بين زملائهم ولكن في حال عادوا إلى سوريا بعد انتهاء العام الدراسي 2024 - 2025 سيصبحون من "أضعف الطلاب"، وفق ما وصف لتلفزيون سوريا.
"عقبات يُمكن تجاوزها"
يشعر فادي ابن مدينة حماة والذي يقيم في تركيا منذ أحد عشر عاماً بالحيرة الكبيرة والمسؤولية تجاه أطفاله وقرر مساعدتهم لتجاوز الفترة القادمة بالبدء بتعليمهم مع زوجته بشكل مكثف بالعطلة المدرسية
من المنهاج التعليمي السوري، مشيراً إلى صعوبة هذه الخطوة ولكن لا قدرة مالية لدى العائلة لوضع الأطفال بدورات مكثفة مدفوعة.
وأوضحت الباحثة الاجتماعية وضحة عثمان لموقع تلفزيون سوريا أن كثيراً من العائلات سوف يرغبون بالعودة إلى سوريا بالفترة المقبلة ومن الممكن أن يعانون من الاندماج بالمجتمع ككل، وبالنسبة لقضية التعليم فإنها تعتبر مشكلة "قابلة للحل" وخاصة أن الأطفال يعيشون ويتحدثون اللغة العربية بالمنزل مع عوائلهم ولديهم أرضية واسعة من الكلمات المستخدمة بالمدارس وهذا يسهل عليهم عملية حل المشكلة بشكل أسرع.
وقارنت الباحثة وضحة العثمان بين الفترة التي لجأ فيها السوريون إلى تركيا ومواجهتهم الصعاب في أثناء التعلم باللغة التركية ومن ثم التفوق بالجامعات بمراتب عالية وحصولهم على الدرجات الأولى، إذ قالت إن الفترة المقبلة سيكون الجهد مضاعفاً عند الأهالي ولكن السوريين تجاوزوا عقبات كثيرة سابقاً وعقبة اللغة يمكن تجاوزها بالتعاون ما بين العائلة والطفل بشكل مكثف قبل أشهر من العودة إلى سوريا.
حلول إسعافية
في 15 من كانون الأول 2024 صرح وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا خلال مقابلة صحفية مع وكالة "الأناضول" التركية أن عدد الطلاب السوريين في تركيا يبلغ 819 ألفاً و265 طالباً موزعين كالتالي: 103 آلاف طالب في المرحلة الثانوية، و273 ألفاً في المرحلة الإعدادية و398 ألفاً في المرحلة الابتدائية نحو 44 ألأفاً في رياض الأطفال، كما يتلقى 60 ألفاً و750 شاباً سورياً تعليمهم بالجامعات التركية، في حين تخرج حتى تاريخ التصريح 17 ألفاً و379 طالباً سورياً من الجامعات.
الأرقام التي كشف عنها وزير الداخلية التركية تدل على وجود مئات آلاف الأطفال ممن لديهم صعوبة الدراسة باللغة العربية في حال العودة إلى سوريا، وهذا ما يعيق حصولهم على التعليم ويتطلب إيجاد حلول إسعافية تعالج المشكلة قبل تفاقمها.
وتحدث موقع تلفزيون سوريا مع مدير التعليم بوزارة التعليم سائد قدور لمعرفة الحلول المطروحة للطلاب الذين كانوا مهجرين وسيعودون إلى سوريا، إذ قال سيكون لهم تعليم تعويضي إما في أوقات الدوام أو خارجها عبر تنظيم دروس تحوي معلومات مكثفة لأولئك الطلبة في المواد جميعها.
وأضاف مدير التعليم قدور أنه من أهم المواد التي ستقدمها وزارة التعليم للأطفال مادة اللغة العربية لتكون كفاية أساسية لهم سواء بالكتابة أو القراءة، في الوقت الذي يقدر عدد الطلبة في جميع المراحل الدراسية في سوريا بنحو ثلاثة ونصف مليون طالب وطالبة.
ووفق "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (يونيسيف) فإنه من بين 5.52 ملايين طفل ممن هم في سن الدراسة من عمر 5 إلى 17 عاماً في سوريا، يوجد قرابة 2.4 مليون طفل خارج المدارس، ويرجح أن يرتفع عدد الأطفال المتسربين من التعليم إضافة لخطورة تعرضهم للتسرب الدائم وذلك في ظل بقائهم لمدة طويلة خارج المدرسة حيث فقد بعض الأطفال عشر سنوات من التعليم، وهو ما يصعب تعويضه.
ومن وجهة نظر الباحثة الاجتماعية وضحة العثمان، فإن إحدى الحلول المقترح العمل عليها هو طرح وزارة التربية والتعليم بحكومة تصريف الأعمال السورية منصة تعليمية مجانية تقدم دروس في اللغة العربية للأطفال بمراحل دراسية معينة ممن يقيمون بدول اللجوء أو الجوار ويفكرون بالعودة إلى بلادهم بهدف مساعدتهم على تأسيس أرضية مناسبة للطلاب.
Source: View source